والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلي أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير(70) النحل.
قوله:( والله خلقكم) هذه حقيقة لا ينكرها أحد, ولم يدعها احد لنفسه,
وقد أمدكم بمقومات حياتكم في الارض والنبات والحيوان, والأنعام التي تعطينا اللبن صافيا سائغا للشاربين, ثم النحل الذي فيه شفاء للناس. فالحق سبحانه اعطانا الحياة, وأعطانا مقومات الحياة. واعطانا ما يزيل معاطب الحياة.. وما دمتم صدقتم بهذه المحسات فاسمعوا:( والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد الي أرذل العمر). فحين يقول سبحانه:( والله خلقكم) فعلينا أن نقول: سمعا وطاعة, وعلي العين والرأس.. يارب انت خلقتنا, وأنت تعلم كيف خلقتنا, سبحانك. ثم يقول تعالي:( ثم يتوفاكم) أي: منه سبحانه كان المبدأ, وإليه سبحانه يعود المرجع.. ومادام المبدأ من عنده والمرجع إليه, وحياتك بين هذين القوسين, فلا تتمرد علي الله فيما بين القوسين, لأنه لا يليق بك ذلك, فأنت منه وإليه. فلماذا التمرد؟
ربنا سبحانه وتعالي هنا يعطينا دليلا علي طلاقة قدرته سبحانه في أمر الموت, فالموت ليس له قاعدة, بل قد يموت الجنين في بطن أمه, وقد يموت وهو طفل, وقد يموت شابا أو شيخا, وقد يرد إلي أرذل العمر, أي: يعيش عمرا طويلا.. وماذا في أرذل العمر؟ يرد الانسان بعد القوة والشباب, بعد المهابة والمكانة, بعد أن كان يأمر وينهي ويسير علي الأرض مختالا, يرد الي الضعف في كل شيء, حتي في أميز شيء في تكوينه, في فكره, فبعد العلم والحفظ وقوة الذاكرة يعود كالطفل الصغير, لا يذكر شيئا ولا يقدر علي شيء.
رابط دائم: